إعلان الرباط يرسم مسار معاهدة دولية لحظر الاستخدام السياسي للأديان

احتضنت العاصمة المغربية الرباط مؤتمرا عالميا تحت عنوان “معايير دولية لحظر استخدام الأديان لأغراض سياسية – من أجل حماية شاملة لحقوق الإنسان من كل أشكال التطرف” وذلك في إطار حشد التأييد الدولي للمبادرة العالمية لسن معاهدة دولية لحظر الاستخدام السياسي للأديان، بعد التأييد الواسع للمبادرة في جميع أنحاء العالم.

وشارك في المؤتمر، الذي عقد على مدى يومي 11-12 مايو 2022 في مركز المؤتمرات في قصر صومعة حسان في العاصمة المغربية، عدد كبير من كبار البرلمانيين والشخصيات الدينية والمدنية والسياسية من دول كثيرة، من بينها المغرب المملكة المتحدة ومصر والنمسا والإمارات وجنوب أفريقيا ونيجيريا وإيطاليا والاكوادور وبنغلاديش وباكستان والعراق وجورجيا والكويت ولوكسيمبورغ وكندا والولايات المتحدة وغانا وبيلاروسيا وسان مارينو وغامبيا، إلى جانب مشاركة مغربية واسعة.

وأصدر المؤتمر نداء عالميا غير مسبوق حمل اسم “إعلان الرباط” يدعو المجتمع الدولي وجميع دول العالم لدعم تشريع معاهدة مقترحة لحظر الاستخدام السياسي للأديان من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتحدث في المؤتمر عدد من كبار البرلمانيين والشخصيات العالمية، التي عرضت التقدم الكبير، الذي أحرزته المبادرة في بلدانها، بهدف تنسيق الجهود وتعزيز زخم المبادرة، التي تنطلق من أقصى احترام لجميع الأديان وتسعى لوضع معايير دولية لوقف جميع إساءات استخدام الدين لأغراض سياسية.

وكان من أبرز المتحدثين رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، ورئيس مجلس أمناء منظمة بيبيور نجيب ساويرس، والزعيم السابق للكنيسة الانجليكانية اللورد روان ويليامز، ومدير معهد الدراسات السامية في الولايات المتحدة إفرايم إسحاق، ووزير الخارجية الإيطالي الأسبق جوليو تيرزي، ومساعد وزير الخارجية الإماراتي عمر سيف غباش، ورئيسة الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية الشيخة فادية سعد العبدالله السالم الصباح، إضافة إلى رعاة التشريع البرلماني الداعمين للمبادرة من جميع أنحاء العالم.

وقال اللورد روان ويليامز إن “هذه المبادرة تأتي بلا شك في الوقت المناسب وهي ربما ضرورية بشكل غير مسبوق في هذا الوقت لأنها حركة تسعى إلى الحرية الدينية بكل ما تعنيه هذه الكلمات”. بينما أشار نجيب ساويرس إلى حقيقة قال إنها صادمة وهي أنه “رغم من كل القوانين الدولية، لا يزال الدين يستخدم في جميع أنحاء العالم لإشعال النزاعات وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية” ليؤكد أن المعاهدة المقترحة هي الأداة المثالية لمعالجة جذور تلك الانتهاكات.

وقالت بوعياش إن الدين وحقوق الإنسان “يتشاركان نفس الأساس، ألا وهو؛ فك العلاقة ما بين الخصوصي والكوني، وما بين الفرد ومحيطه بكل جوانبه، كما يتشاركان الإيمان بكونية كرامة الإنسان وأسسها في الأديان والفلسفات والحضارات”.

وجاء في إعلان الرباط، الذي سيكون وثيقة عالمية، يتم تسليمها إلى الأمم المتحدة والمؤسسات العالمية والحكومات> التي تتمتع المبادرة بتأييد كبير في بلدانها.

وقالت ثريا لحرش الراعية البرلمانية للمبادرة في المغرب ورئيسة جمعية منتدى مساهمات المغرب، إن المؤتمر سيكون نقطة انطلاق لوضع معايير دولية واضحة تحمي حقوق الإنسان من جميع أشكال التطرف وعلى نطاق عالمي. وأضافت أن تأييد عدد كبير من أبرز الزعامات الدينية في العالم يظهر أن المعاهدة المقترحة هي أفضل وسيلة لحماية قدسية جميع الأديان وضمان شفافية العمل السياسي.

وأكد صلاح الوديع رئيس جمعية حركة ضمير المغربية وممثل منظمة بيبيور انترناشونال في المغرب ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن المغرب هو من بين الدول الأقدر على حماية الجوهر الفريد للمبادرة وتحديد الملامح النهائية للمعاهدة المقترحة، بسبب قيم الاعتدال والتسامح الراسخة في تاريخه.

وتضمن المؤتمر عرض التقدم الذي أحرزه ممثلو المبادرة في جميع البلدان وتبادل الخبرات ومقارنة أفضل السبل لضمان تبني حكومات بلدانهم للمبادرة، إضافة إلى طرح الأفكار بشأن الخطوات التالية التي ينبغي اتخاذها لترسيخ موقعها على الساحة الدولية.

وقال سلام سرحان مؤسس المبادرة والأمين العام لمنظمة بيبيور انترناشونال إن الهدف الرئيسي للمؤتمر هو حشد دعم أوسع بين المشرعين والشخصيات العالمية المشاركة من أجل تعزيز حوارنا مع عدد من الحكومات من مختلف المناطق الجيوسياسية في العالم، وبضمنها العديد من الدول العربية والإسلامية، من أجل ضمان تبني المبادرة من قبل تلك الحكومات وتقديمها إلى الأمم المتحدة.

وتنظم المؤتمر سبع منظمات مغربية غير حكومية هي حركة ضمير والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان واتحاد العمل النسائي ومنتدى المغرب المتعدد ومنتدى مغرب المستقبل والشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب ومنتدى مساهمات المغرب وبدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب،. كما تشارك في المؤتمر عدة منظمات ومؤسسات عالمية من أجل تعزيز موقع المبادرة على الساحة الدولية.

ويتضمن المؤتمر جلسات عامة مفتوحة لوسائل الإعلام وجلسات عمل خاصة لرعاة التشريع البرلماني والمستشارين والمنظمات العالمية. وسوف يصدر في ختام المؤتمر إعلان عالمي يرسم خارطة طريق المبادرة ومسار طرح المعاهدة المقترحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأشار سلام سرحان إلى أن جوهر المعاهدة المقترحة، التي ساهم في صياغتها عدد من أرفع المسؤولين العالميين وأبرز خبراء الأمم المتحدة، يركز حصرا على نزع أسلحة التطرف وحماية المساواة بين البشر وحظر التمييز في الحقوق والواجبات على أسس دينية وحظر الإقصاء الديني وأي تقييد لحرية الاعتقاد والعبادة.

وأضاف أن المبادرة حظيت بتأييد برلماني ورسمي في أكثر من 60 دولة خلال وقت قصير جدا، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا لأنها تراعي جميع الحساسيات الدينية وتمثل فرصة لتلك الدول لأخذ زمام المبادرة ووضع قواعد عالمية تلائم تقاليدها وتنهي دوامة الأزمات والتمييز والتطرف الديني.

وأكد أن تأييد المبادرة مرحلة متقدمة في أكثر من عشرين بلدا، حيث طالبت مجموعات كبيرة من البرلمانيين في المغرب وبريطانيا وبنغلاديش وإيطاليا والنمسا وجنوب أفريقيا وبلجيكا وسان مارينو وباكستان حكومات بلدانها بتبني المبادرة على الساحة الدولية.

وجاء في إعلان الرباط أن المشاركين يعلنون التزامهم بالعمل على حماية حقوق الإنسان من الاستخدام السياسي للأديان وعزمهم على وضع معايير دولية موحدة لحظر جميع الاستخدامات السياسية للأديان، التي تنتهك المساواة وقيم العدالة الأساسية وحقوق الإنسان،

وأكدوا قناعتهم “بضرورة منع الاستغلال السياسي للأديان، الذي يؤدي على الدوام إلى التمييز والاستبعاد وانتهاكات حقوق الإنسان، مع الإقرار بأن هذه الاقتراحات يجب أن تستند إلى أقصى درجات الاحترام لجميع الأديان ويجب أن تراعي جميع الحساسيات الدينية”.

نص إعلان الرباط في هذا الرابط

صور من المؤتمر في هذا الرابط، بلا قيود على إعادة النشر